افتتحت الدورة الخامسة والعشرون للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة مساء الجمعة بقصر الفنون والثقافة، في أجواء احتفالية بهيجة شهدت حضورًا واسعًا لعشاق السينما والثقافة والإعلام. وقد شكلت هذه الفعالية مناسبة لإطلاق فعاليات الدورة التي تمتد حتى 25 أكتوبر الجاري، مقدمة منصة للسينما المغربية للتعرف على أحدث الإنتاجات ومناقشتها، ومؤكدة مكانة المهرجان كحدث سنوي بارز في المشهد السينمائي الوطني.
وشهد حفل الافتتاح تكريم المخرج والممثل والمنتج أحمد المعنوني، تقديرًا لمساره الفني الطويل وإسهاماته في السينما المغربية، خاصة من خلال أعماله التي حازت على جوائز محلية ودولية وحققت صدى واسعًا لدى الجمهور والنقاد. ويعد المعنوني من أبرز مخرجي السينما المغربية، وقد ساهم في توثيق التراث الموسيقي والثقافي من خلال أعماله الوثائقية والروائية، مع الحفاظ على الحس الاجتماعي والإنساني في تصويره للواقع المغربي.
وعرض المهرجان خلال الافتتاح الفيلم الوثائقي الموسيقي “الحال”، الذي أخرجه المعنوني سنة 1982، ويرصد حياة وحفلات مجموعة ناس الغيوان في حيهم بالحي المحمدي بالدار البيضاء خلال سبعينيات القرن الماضي. ركز الفيلم على أغاني المجموعة وسهراتها التي تبرز هموم وآمال الفئات الشعبية المغربية، جعله وثيقة سينمائية تاريخية. وقد تم ترميمه مؤخرًا ضمن مشروع السينما العالمية لمؤسسة السينما، وعُرض ضمن فقرة “كان كلاسيك” في مهرجان كان سنة 2007، مقدمًا من المخرج العالمي مارتن سكورسييس.
وأعرب المخرج أحمد معنوني، وقد غمرته مشاعر التأثر بالتكريم الذي خصه به المهرجان، عن خالص امتنانه لأساتذته، وللأطقم التقنية والفنية التي رافقته بصدق وإخلاص طيلة مساره الفني المهني، وكذا لأفراد أسرته، تقديرا لما أبدوه من دعم ومساندة لا مشروطة.
وتوقف الفنان عند آفاق السينما المغربية، مثمنا ما تزخر به من طاقات شابة واعدة، داعيا إلى تضافر الجهود لمواكبة هذه المواهب ودعم مسارها نحو الإبداع والتألق.
ويضم برنامج الدورة الحالية أربع مسابقات رسمية تغطي جميع أشكال السينما الوطنية: الأفلام الروائية الطويلة التي تتنافس على 14 جائزة، والأفلام الوثائقية الطويلة على ثلاث جوائز، والأفلام القصيرة الروائية والوثائقية على ثلاث جوائز، إضافة إلى مسابقة أفلام مدارس ومعاهد السينما بالمغرب بجائزتين. كما يشمل البرنامج جلسات نقاشية وورش عمل تجمع النقاد والمختصين لتبادل الخبرات، إضافة إلى اختيار تسعة مشاريع أفلام روائية قيد التطويرضمن مسابقة “بيتش”، لتقديمها أمام لجان تحكيم مغربية وأجنبية والحصول على تقييمات بناءة، مع منح جوائز تشجيعية لدعم تنفيذ هذه المشاريع. وتبرز هذه الأنشطة كخطوة لتعزيز الإبداع السينمائي، اكتشاف المواهب الجديدة، وتطوير صناعة السينما المغربية على المستوى الوطني والدولي، بما يجعل المهرجان منصة متكاملة تجمع بين الإنتاج، العرض، والتقييم المهني.
ويعرف أحمد المعنوني بكونه رائدًا في السينما المغربية الوثائقية والموسيقية، حيث امتد نشاطه الفني منذ الثمانينيات إلى اليوم. قدم أعمالًا شكلت مرجعًا تاريخيًا وثقافيًا للمغرب، أبرزها فيلم « الحال » الذي وثق حياة مجموعة ناس الغيوان داخل بيئتها الشعبية، وركز على سهراتها وأغانيها التي جسدت واقع المجتمع المغربي آنذاك. ويمتاز المعنوني بقدرته على مزج الجانب الفني بالبعد الاجتماعي، مما جعل أعماله محط اهتمام النقاد والجمهور على حد سواء.
وساهم المعنوني أيضًا في تطوير الحركة السينمائية المغربية عبر تجارب مبتكرة في الإخراج والإنتاج، كما فتح المجال أمام جيل جديد من صناع السينما لاستكشاف التراث الثقافي المغربي بطرق فنية مبتكرة. وقد تم تكريمه في مهرجانات دولية عدة، وعُرضت أعماله ضمن برامج عالمية مثل مهرجان كان السينمائي، مما عزز مكانته كأحد أبرز المخرجين المغاربة ذوي البصمة الفنية والثقافية.